Pages

Subscribe:

الأربعاء

اليورانيوم

اليورانيوم فلز مشع أبيض فضي اللون، رمزه الكيميائي U. وهو مصدر الطاقة المستخدمة في توليد الطاقة الكهربائية في كل محطات القدرة النووية التجارية الكبيرة. فبإمكان قطعة من اليورانيوم في حجم كرة المضرب إطلاق كمية من الطاقة تساوي كمية الطاقة التي تطلقها حمولة من الفحم الحجري يبلغ وزنها ثلاثة ملايين ضعف وزن قطعة اليورانيوم. وينتج اليورانيوم أيضًا الانفجارات الهائلة لبعض الأسلحة النووية. واليورانيوم هو ثاني أثقل عنصر موجود في الطبيعة بعد البلوتونيوم. ويستغل المهندسون ثقل اليورانيوم في عدد من التطبيقات، حيث يستخدمون اليورانيوم في البوصلات الدوارة في الطائرات، لحفظ توازن الجنيحات وغيرها من سطوح التحكم في الطائرات والمركبات الفضائية، وللوقاية من الإشعاع باستخدام اليورانيوم غطاء. واليورانيوم المستخدم في هذه التطبيقات ذو خاصية إشعاعية ضعيفة جدًا. ويستخدم العلماء اليورانيوم أيضًا لتحديد أعمار الصخور والمياه الجوفية وترسبات الترافرتين (أحد أشكال الحجر الجيري) في المواقع الأثرية.
يوجد اليورانيوم أساسًا في الصخور، ولكن بتركيزات منخفضة جدًا. ففي المتوسط، يوجد 26 رطلاً فقط من اليورانيوم في كل مليون رطل من القشرة الأرضية. ويوجد اليورانيوم بتركيزات أقل من ذلك في الأنهار والبحيرات والمحيطات وغيرها من الأجسام المائية، حيث يوجد ما بين 0,1 رطل و10 أرطال من اليورانيوم في كل بليون رطل من الماء، بما تحتويه من مواد محتوية على اليورانيوم.
اكتشف الكيميائي الألماني مارتن كلابروث اليورانيوم في عام 1789م، حيث وجده في البتشبلند، وهو معدن داكن، أسود مزرق اللون. وقد سمى كلابروث اليورانيوم على اسم كوكب أورانوس، الذي كان قد اكتشف في عام 1781م. وفي عام 1841م فصل الكيميائي الفرنسي يوجين بليجو اليورانيوم النقي من البتشبلند.

مصادر اليورانيوم


اليورانيوم يوجد في معظم القارات. توضح الخريطة المواقع المعروفة لرواسب اليورانيوم الرئيسية. تمتلك الولايات المتحدة أكبر الرواسب، تليها كندا ثم أستراليا. ولا تتوفر معلومات عن رواسب اليورانيوم في بعض الأقطار.
المصدر الأساسي لليورانيوم هو اليورانينيت، ومن أهم أنواعه البتشبلند، الذي اكتشف فيه اليورانيوم لأول مرة. ومن الخامات الرئيسية الأخرى اليورانوفان والكوفينيت والكارنوتيت. وقد يحتوي الحجر الجيري والطفل والفوسفات على ترسبات قيمة من خامات اليورانيوم، بينما يحتوي الجرانيت عادة على كميات قليلة من اليورانيوم.
وفي أوائل القرن الحادي والعشرين بلغ إجمالي وزن اليورانيوم القابل للتعدين بتكاليف معقولة حوالي 3.100.000 طن متري. ويبلغ إنتاج العالم السنوي من اليورانيوم حوالي 40.200 طن متري. وتأتي كندا في مقدمة الدول المنتجة لليورانيوم في العالم، حيث تنتج منطقة ساسكاتشوان أكثر من نصف ما تنتجه كندا من اليورانيوم.

نظائر اليورانيوم

يوجد اليورانيوم في الطبيعة في ثلاثة نظائر (أشكال)، عددها الذري (عدد البروتونات في النواة) 92. ولكل من هذه النظائر عدد مختلف من النيوترونات، ولذلك تختلف هذه النظائر في العدد الكتلي الذري (مجموع عدد البروتونات والنيوترونات في النواة). ويحتوي أخف هذه النظائر على 92 بروتونًا و142 نيوترونًا، بعدد إجمالي قدره 234 من الجسيمات النووية، ويسمى هذا النظير اليورانيوم 234. والنظيران الطبيعيان الآخران لليورانيوم هما اليورانيوم 235 واليورانيوم 238، ويحتويان على 143 نيوترونًا و146 نيوترونًا على التوالي. ويشكل اليورانيوم 238 حوالي 99,28% من إجمالي اليورانيوم الطبيعي، بينما يمثل اليورانيوم 235 حوالي 0,71%، واليورانيوم 234 حوالي 0,006%. ويعرف اليورانيوم 238 باليورانيوم المستنفد، أو الخامد، أو المنضّب.
واليورانيوم 235 هو النظير الطبيعي الوحيد الذي يمكن إخضاع نواته لعملية الانشطار، أي الانشقاق إلى نصفين. وتنطلق عن عملية الانشطار الطاقة النووية المستخدمة في محطات القدرة وفي الأسلحة.

خواص اليورانيوم

الوزن الذري لليورانيوم 238,0289، وكثافته عند 25°م 19,05جم لكل سنتيمتر مكعب. و ينصهر اليورانيوم عند 1,132°م، ويغلي عند 3,818°م. وهو ينتمي إلى مجموعة العناصر المسماة سلسلة الأكتينيدات. انظر: العنصر الكيميائي (الجدول الدوري).
ويتحد اليورانيوم بسهولة مع العناصر الأخرى، ويوجد في الطبيعة عادة مكونًا مركبات مع الأكسجين. وفي معظم المياه السطحية والجوفية يوجد اليورانيوم في شكل أكسيد أو كربونات أو فوسفات أو فلوريد أو كبريتات. وبالإضافة إلى ذلك، يتفاعل اليورانيوم مع الأحماض مكونًا مركبات تسمى أملاح اليورانيل. وكل مركبات اليورانيوم عالية السمية.

النشاط الإشعاعي. كل نظائر اليورانيوم مشعة، حيث تنحل (تتفتت) نوى ذراتها مطلقة جسيمات وطاقة، وخاصة جسيمات ألفا وجسيمات بيتا وأشعة جاما. انظر: الإشعاع (شكل توضيحي : الانحلال الإشعاعي). وعندما ينحل النظير يتحول إلى نظير آخر. وبحدوث سلسلة من الانحلالات يتحول اليورانيوم في النهاية إلى نظير للرصاص غير مشع.
ويقيس العلماء معدل إشعاع أي نظير على أساس عمره النصفي، أي الفترة الزمنية التي يتبقى بعدها نصف عدد الذرات المكونة لعينة من النظير في شكل ذرات لذلك النظير.
ولنظائر اليورانيوم أعمار نصفية طويلة. فالعمر النصفي لليورانيوم 238 يبلغ حوالي 4,5 بليون عام، ولليورانيوم 235 حوالي 700 مليون عام، ولليورانيوم 234 حوالي 250,000 عام. ويعتقد أن جزءًا كبيرًا من حرارة باطن الأرض ينتج عن الإشعاع الصادر عن اليورانيوم.

قابلية الانشطار. ينشطر اليورانيوم 235 إلى شظيتين عند قذفه بنيوترون، وتنطلق عن ذلك طاقة، كما ينطلق نيوترونان أو أكثر. وتسبب هذه النيوترونات بدورها انشطار نوى أخرى، مطلقة أيضًا طاقة ونيوترونات. وتحت ظروف معينة يمكن لهذه العملية أن تستمر في سلسلة من الانشطارات ذاتية الاستمرار تسمى التفاعل السلسلي.
ولا تنشطر نواة اليورانيوم 238 عند قذفها بنيوترون إلا نادرًا، وذلك لأنها عادة تمتص النيوترونات التي تصطدم بها.

كيف يعدَّن اليورانيوم ويعالج



الدول الرائدة في إنتاج اليورانيوم
تعدين اليورانيوم. تستخدم شركات التنقيب ثلاث طرق رئيسية لاستخراج اليورانيوم من الأرض : 1- التعدين المحلولي المكاني 2- التعدين المكشوف 3- التعدين الأرضي.
التعدين المحلولي المكاني. يبدأ التعدين المحلولي المكاني بضخ محلول خاص عبر ثقوب تحفر في باطن الأرض لتذويب أكاسيد اليورانيوم. ويضخ المحلول المحتوي على الأكاسيد بعد ذلك إلى حاويات موضوعة على السطح.
وفي كل الحالات تقريبًا، تكون الثقوب المستخدمة في التعدين المحلولي المكاني محفورة مسبقًا ضمن جهود التنقيب عن ترسبات اليورانيوم، حيث يستخدمها المنقبون، أثناء عمليات الاستكشاف الأولية لإنزال كاشفات الإشعاع.
التعدين المكشوف. في هذا النوع من التعدين تستخدم المتفجرات لتفتيت الصخور والترب التي تغطي ترسبات اليورانيوم قرب سطح الأرض. يحفر المنقبون ثقوبًا تملأ بالمتفجرات. وبعد الانفجارات تستخدم جرافات ضخمة لإبعاد الكتل الصخرية، ثم تستخدم جرافات أصغر لاستخراج خام اليورانيوم.
التعدين الأرضي. يستخدم التعدين الأرضي في حالة وجود خام اليورانيوم بعيدًا عن السطح. تحفر شركات التنقيب أنفاقًا داخل الترسبات، وبعد ذلك يحفر المنقبون ثقوبًا داخل جدران الأنفاق لملئها بالمتفجرات التي تخلخل الخام، ثم يضعون الخام في دلاء ترفع إلى السطح.
الدول الرائدة في إنتاج اليورانيوم
إنتاج اليورانيوم السنوي بالطن المتري
2001م2002م2003م2004م
كندا12.52011.60410.45711.597
أستراليا7.7566.8547.5728.982
كازاخستان2.0502.8003.3003.719
النيجر2.9203.0753.1433.282
روسيا2.5002.9003.1503.200
ناميبيا2.2392.3332.0363.038
أوزبكستان1.9621.8601.5982.016
الولايات المتحدة1.011919779846
أوكرانيا750800800800
جنوب إفريقيا873824758755
الصين655730750750
تشيكيا456465452412
البرازيل58270310300
الهند230230230230
ألمانيا27212150150
رومانيا85909090
باكستان46384545
فرنسا19520صفر7
أسبانيا3037صفرصفر
البرتغال32صفرصفر
إجمالي الإنتاج العالمي36.36636.06335.61340.219
المصدر: مركز معلومات اليورانيوم

تكرير ومعالجة خام اليورانيوم. ينقل الخام من المنجم إلى مطحنة لتركيز اليورانيوم. وفي المطحنة يستخدم العاملون حمض الكبريتيك أو محاليل الكربونات لإنتاج ملح من أملاح اليورانيوم يسمى الكعكة الصفراء. وتنقى الكعكة الصفراء إلى أكسيد يسمى أيضًا الكعكة الصفراء، وصيغته الكيميائية U3O8. ويُخضع الأكسيد في معمل تحويل إلى تفاعل كيميائي مع الفلور، لإنتاج سادس فلوريد اليورانيوم (UF6).
وينقل سادس فلوريد اليورانيوم إلى محطة تخصيب لفصل اليورانيوم 235 عن اليورانيوم 238. وينتج عن هذا الفصل يورانيوم مخصب، يحتوي على نسبة من اليورانيوم 235 أعلى من النسبة التي يحتويها اليورانيوم الموجود في الطبيعة. وتستخدم معظم المفاعلات النووية في محطات القدرة النووية وقودًا يحتوي على اليورانيوم 235 بنسبة تتراوح بين 2% و4% تقريبًا. أما الأسلحة النووية ومفاعلات السفن التي تعمل بالقدرة النووية فتتطلب نوعًا من اليورانيوم يحتوي على اليورانيوم 235 بنسب أعلى من ذلك.
وينقل اليورانيوم المخصب، الذي يراد استخدامه في المفاعلات، إلى محطة صنع الوقود، لتحويل سادس فلوريد اليورانيوم إلى ثاني أكسيد اليورانيوم، الذي يضغط إلى كريات أسطوانية الشكل، تستخدم وقودًا.


طريقة الانتشار الغازي لفصل النظائر، تستخدم فيها حواجز مسامية لفصل نظائر اليورانيوم. ويحدث الفصل لأن جزيئات غاز سادس فلوريد اليورانيوم المحتوية على نظير اليورانيوم 235 تمر خلال الحواجز أسرع من الجزيئات المحتوية على اليورانيوم 238.
فصل نظائر اليورانيوم. طور العلماء طرقًا عديدة لفصل نظائر اليورانيوم. وتستخدم شركات التخصيب طريقتين من هذه الطرق، هما طريقة الانتشار الغازي وطريقة الطرد المركزي. وهناك طريقة ثالثة تحت التجريب تسمى طريقة فصل النظائر بالليزر.
طريقة الانتشار الغازي. تستخدم هذه الطريقة في الولايات المتحدة. وفي هذه الطريقة تضخ جزيئات سادس فلوريد اليورانيوم خلال حواجز تحتوي على ملايين الثقوب الدقيقة.
وتمر جزيئات الغاز الخفيفة عبر ثقوب الحواجز أسرع من الجزيئات الثقيلة. وتحتوي الجزيئات الخفيفة على ذرات اليورانيوم 235، ولذلك يحتوي الغاز الذي يمر عبر الحاجز على نسبة من اليورانيوم 235 أعلى من الغاز الأصلي. ونظرًا لأن هذه الزيادة طفيفة جدًا فإن الغاز يجب أن يمر عبر الحاجز عدة آلاف مرة لإنتاج اليورانيوم المخصب الذي يراد استخدامه في محطات القدرة النووية.


طريقة الطرد المركزي لفصل النظائر، تستخدم فيها أسطوانة ذات حركة دوامية. يجبر دوران الأسطوانة غاز سادس فلوريد اليورانيوم إلى الخروج. ويتجمع الغاز المحتوي على اليورانيوم 238 على الجدران لثقله، بينما يتركز الغاز الأخف، المحتوي على اليورانيوم 235 قرب المركز.
طريقة الطرد المركزي. تستخدم هذه الطريقة في عدد من المحطات في أوروبا واليابان. ويتكون جهاز الطرد المركزي في هذه الطريقة من أسطوانات عمودية ذات حركة دوامية سريعة. ويضخ غاز سادس فلوريد اليورانيوم في كل أسطوانة عبر أنبوبة عمودية ثابتة داخل كل أسطوانة.
وتجبر الحركة الدوامية للأسطوانة كل الغاز الخارجي تقريبًا في اتجاه الجدران المنحنية. وبالإضافة إلى ذلك، تساعد مغرفة متصلة بقاعدة الأنبوبة الثابتة في انسياب الغاز عموديًا، كما تساهم الفروق في درجات الحرارة داخل الأسطوانة في إحداث هذا الانسياب العمودي.
وبسبب هذه التأثيرات ـ الحركة الدوامية للأسطوانة وحركة المغرفة وفروق درجات الحرارة ـ ينساب الغاز بنمط معقد، ويصبح الغاز القريب من قاعدة الأسطوانة مركزًا باليورانيوم 238 أكثر من الغاز العلوي.
وتزيل المغرفة السفلية النفايات الغازية، التي تحتوي على تركيزات أعلى نسبيًا من اليورانيوم 238، بينما تزيل المغرفة العلوية الغاز المخصب الذي يحتوي على اليورانيوم 235 بتركيز أعلى. وتتكرر العملية حتى يتم الحصول على التركيز المطلوب من اليورانيوم 235.

فصل النظائر بالليزر تستخدم فيه حزمة ليزرية واحدة أو أكثر (يوضح الشكل أعلاه حزمتين). يسبب هذا الضوء اكتساب ذرات اليورانيوم 235 فقط في غاز اليورانيوم لشحنات كهربائية. وتجذب ألواح ذات شحنة مغايرة هذه الذرات، ولكنها لا تؤثر على ذرات اليورانيوم 238. وهكذا ينفصل الغاز إلى اتجاهين.
فصل النظائر بالليزر. في هذه الطريقة تستخدم توليفة من ضوء الليزر وشحنة كهربائية لفصل نظائر اليورانيوم. والليزر نبيطة تنتج حزمة رفيعة من الضوء ذات مدى ترددي ضيق جدًا (تردد الضوء هو معدل اهتزاز موجات الضوء).
وفي طريقة لفصل النظائر بالليزر تسمى طريقة البخار الذري تسخِّن حزمة من الإلكترونات قطعة من اليورانيوم عند قاعدة حاوية مغلقة، محولة اليورانيوم إلى بخار (غاز)، ثم يُخترق الغاز بنبضات من حزمة ليزرية. ويوالف تردد الحزمة بحيث تستطيع الإلكترونات في ذرات اليورانيوم 235 امتصاص الضوء، ولا تستطيع إلكترونات ذرات اليورانيوم 238 ذلك.
وعندما يمتص إلكترون اليورانيوم 235 هذا الضوء يحصل على طاقة تكفيه لترك الذرة. وتغير هذه العملية التوازن الكهربائي للذرة. فالإلكترون يحمل شحنة كهربائية سالبة، بينما تحمل النواة شحنة كهربائية موجبة واحدة أو أكثر. وفي الذرة العادية يكون عدد الشحنات الموجبة مساويًا لعدد الشحنات السالبة. ولذلك تكتسب الذرة شحنة موجبة عندما يتركها إلكترون. ويقول العلماء عن هذه الحالة إن الذرة تحولت إلى أيون موجب. وهكذا يؤيِّن ضوء الليزر ذرات اليورانيوم 235، ولا يؤين ذرات اليورانيوم 238.
وعند صعود البخار الساخن إلى أعلى تجذب ألواح تجميع سالبة الشحنة في قمة الحاوية أيونات اليورانيوم 235 الموجبة. ولأن ألواح التجميع أبرد من الغاز فإن اليورانيوم 235 يتكثف عليه (يتحول من غاز إلى سائل). ويتقطر اليورانيوم 235 من ألواح التجميع إلى حاويات خاصة، مكونًا كتلة صلبة. ثم تجمع الكتل الصلبة وتنقى وتؤكسد لاستخدامها وقودًا نوويًا.
وفي نفس الأثناء ينتقل اليورانيوم 238، المتعادل كهربائيًا، عبر الألواح المشحونة، ثم يتكثف فوق لوحة نفايات قرب قمة الحاوية.
وفي إحدى التقنيات الليزرية تسخن وحدة كهربائية قطعة من اليورانيوم منتجة بخارًا. وتعمل حزمتان ليزريتان معًا لتأيين ذرات اليورانيوم 235 في البخار، ثم تجمع لوحة موجبة الشحنة أيونات اليورانيوم 235، تاركة بخار ذرات اليورانيوم 238 تخرج عبر فتحة في قمة الحاوية.
وتستهلك طريقة فصل النظائر بالليزر طاقة كهربائية أقل بكثير من الطاقة التي تستهلكها طريقة الانتشار الغازي، كما أن تكلفة معدات طريقة الفصل بالليزر أقل بكثير من تكلفة معدات طريقة الطرد المركزي. ولذلك تجري الشركات المدعومة حكوميًا في فرنسا واليابان والولايات المتحدة التجارب لاستخدام طريقة فصل النظائر بالليزر.

تاريخ استخدام اليورانيوم

استخدم الناس اليورانيوم ومركباته منذ حوالي ألفي عام تقريبًا. فقد احتوي زجاج ملون أنتج في حوالي عام 79م على أكسيد اليورانيوم، وظل مصنعو الزجاج يستخدمون هذا المركب مادة ملونة حتى القرن التاسع عشر. واستخدم اليورانيوم أيضًا مادة ملونة في طلاء أو تزجيج الخزف الصيني. وبالإضافة إلى ذلك استخدم اليورانيوم في معالجة الصور الفوتوغرافية.
وفي عام 1896م، اكتشف الفيزيائي الفرنسي أنطوان هنري بكويريل أن اليورانيوم مادة مشعة، وكان هذا الاكتشاف أول اكتشاف لعنصر مشع في التاريخ.
وفي عام 1935م، اكتشف الفيزيائي الكندي المولد آرثر دمبستر اليورانيوم 235. واستخدم الكيميائيان الألمانيان أوتو هان وفرتز ستراسمان اليورانيوم لإنتاج أول انشطار نووي اصطناعي في عام 1938م. وفي عام 1942م، أنتج الفيزيائي الإيطالي المولد إنريكو فيرمي ومساعدوه في جامعة شيكاغو أول تفاعل سلسلي اصطناعي، مستخدمين اليورانيوم 235 مادة انشطارية. وقد قاد عمل فيرمي إلى تطوير القنبلة الذرية، كما قادت الأبحاث العلمية إلى الاستخدامات السلمية لليورانيوم.
ومنذ أوائل سبعينيات القرن العشرين أصبحت محطات القدرة النووية التي تستخدم اليورانيوم وقودًا من أهم مصادر الطاقة. وتوجد هذه المحطات في 30 دولة، يواصل عدد منها الآن بناء المزيد من المحطات. أما بقية الدول فقد أوقفت بناء المحطات الجديدة لأسباب عديدة منها القلق من تأثير هذه المحطات الجديدة على السلامة العامة، والنظم الحكومية المرتبطة بالسلامة، وارتفاع تكلفة وتشغيل المحطات الجديدة مقارنة بتكلفة محطات القدرة التي تستخدم الطاقة الناتجة عن حرق الفحم الحجري والغاز الطبيعي.




أدى اعتراف الحكومة الأمريكية باستخدام اليورانيوم المنضب  Depleted Uraniumفي ترسانتها الحربية وفي الحروب التي شنتها على العراق 1991م والبوسنة 1995م وكذلك في البلقان 1999م إلى وقوع الكثير من الجدل حول خطورة استخدام هذه المادة. والحقيقة أن الحديث عن الإشعاع والعناصر المشعة والمفاعلات النووية وخصوصا اليورانيوم بشكل عام يصيب العالم بالذعر. وقد تسابقت وسائل الإعلام بجميع أنواعها إلى الإسهاب في تناول اليورانيوم المنضب. وتركز الحديث عن اليورانيوم المنضب حول نقطتين: إحداهما تتناول اليورانيوم المنضب بانفعال بالغ وتركز على المشاكل الصحية والبيئية ، أما الثانية فتتناول الدراسات التي تشير إلى عدم وجود روابط بينه وبين المشاكل الصحية والبيئية.
وسوف نحاول هنا أن نتناول اليورانيوم المنضب من وجهة النظر العلمية لنتعرف على اليورانيوم المنضب وما المقصود به وما هي مصادره وكيفية استخداماته في الحروب والطرق التي من المرجح أن تؤدي إلى امتصاص جرعة حادة أو مزمنة والمخاطر الصحية من المنظور الإشعاعي وأيضا التسمم الكيميائي؟!.

ما هو اليورانيوم المنضب؟
اليورانيوم معدن ثقيل واسع الانتشار موجود في الطبيعة بعدة أشكال كيميائية مختلفة في جميع أشكال التربة والحجارة والبحار والمحيطات. ويوجد في مياه الشرب والأغذية. كما يوجد في الأسمدة المستخدمة في الزراعة. ويعتبر معدل الاستهلاك اليومي من عنصر اليورانيوم حوالي 9 ،1 ميكرو غرام لكل يوم من الغذاء والماء والهواء المستنشق. كما يحتوي جسم الإنسان في المتوسط على حوالي90 ميكرو غرام من اليورانيوم تتوزع كالتالي:
66% في الجهاز العظمي.
16% في الكبد.
8% في الكليتين.
10% في الأنسجة الأخرى.
اليورانيوم معدن شديد الصلابة وسام كيميائيا مثله مثل المعادن الثقيلة كالرصاص أو أي معدن ثقيل آخر حيث تتسبب هذه المعادن في مشاكل صحية إذا وجدت بكميات كبيرة داخل جسم الإنسان.
اليورانيوم 238 عنصر غير مستقر ويتفكك إلى الثوريوم 234 مع انبعاث جسيم ألفا «وهو عبارة عن نواة ذرة الهليوم». ويتفكك الثوريوم 234 إلى البروتكتينيوم 234مع انبعاث جسيم بيتا ويتكرر التفكك حتى يصل إلى حالة الاتزان حيث يعطي الرصاص 206 المستقر.
ويبلغ العمر النصفي لليورانيوم 238 حوالي 4468 مليون سنة. ويعرف العمر النصفي للعناصر المشعة بالزمن اللازم لكي ينخفض النشاط الإشعاعي إلى النصف.
أما العمر النصفي اليورانيوم 235 فيبلغ حوالي 704 مليون سنة ويبلغ العمر النصفي لليورانيوم 234 حوالي 248 ألف سنة.

النظائر المكونة لليورانيوم
يتكون اليورانيوم الطبيعي من مزيج من ثلاثة نظائر مشعة هي:
اليورانيوم 238 «27 ،99% حسب الكتلة».
اليورانيوم 235 بنسبة «72 ،0%».
اليورانيوم 234بنسبة «0054 ،0»
ويستخدم اليورانيوم أساسا في توليد الطاقة النووية في المفاعلات النووية، حيث تستخدم المفاعلات النووية اليورانيوم الذي يكون فيه النظير يورانيوم 235 مخصبا بنسبة تتراوح بين 72 ،0% وحوالي 3%. ويسمى الجزء المتبقي بعد إزالة الجزء المخصب باليورانيوم المنضب. ويحتوي اليورانيوم المنضب عادة على التالي:
اليورانيوم 238 بنسبة «8 ،99% حسب الكتلة».
اليورانيوم 235 «2 ،0%».
اليورانيوم234 «0006 ،0%».
كما يحتوي على 60% من إشعاع اليورانيوم الطبيعي للكتلة ذاتها. ويمكن إنتاج اليورانيوم المنضب في إطار إعادة معالجة وقود المفاعلات النووية المستعمل.
ويمكن العثور في هذه الحالة على نظير آخر هو اليورانيوم 236 إلى جانب كميات ضئيلة من العناصر الناتجة عن الانشطار مثل البلوتنيوم والأمريسيوم والنبتنيوم و غيرها. ولا تزيد نسبة الإشعاع من هذه العناصر عن 1% وهي نسبة لا تؤخذ في الاعتبار فيما يتعلق بالنواحي الصحية والتسمم الكيميائي والإشعاعي.
ومما سبق يتضح لنا خطأ التسمية «اليورانيوم المنضب أو المستنفد» الذي يعني للوهلة الأولى أنه لا يحتوي على نشاط إشعاعي وغير خطير.

استخدامات اليورانيوم المنضب
يستعمل اليورانيوم المنضب في العديد من المجالات المدنية في صناعة الأثقال والموازنة للطائرات. كما يستخدم في المستشفيات كواق ضد الإشعاع الصادر من الأشعة السينية «X Ray» وفي حاويات نقل المواد المشعة.وإذا اخذ في الاعتبار شدة كثافة اليورانيوم المنضب التي تبلغ حوالي ضعف كثافة الرصاص وإلى قدرته على اختراق أقوى الدروع والدبابات وعلى حدته «يجعل نفسه حادا» وهذا ما جعله مناسبا جدا لصناعة الذخائر المصممة لاختراق ألواح التصفيح المستخدمة في الدبابات المعادية كما يستخدم في ألواح التصفيح للدبابات. ويتركز استخدم اليورانيوم المنضب عادة في رأس الذخيرة التي تستخدم لتدمير الدبابات. وفي الوقت الحاضر لا يوجد معدن بديل عنه ويحمل نفس الصفات الاختراقية. ويعتبر اليورانيوم المنضب رخيصا جدا ومتوفرا بكميات كبيرة جدا حتى أن مصانع الذخيرة تحصل عليه بأسعار رمزية.
وهناك أكثر من 15 دولة معروفة تستخدم اليورانيوم المنضب في صناعة الذخائر منها:الولايات المتحدة الأمريكية، المملكة المتحدة، فرنسا،روسيا، اليونان، تركيا.
وقد تم استخدام اليورانيوم المنضب لأول مرة بكميات كبيرة في حرب الخليج الثانية«حرب تحرير الكويت». وقد تراوحت الكميات المستخدمة بين 300 إلى 800 طن من اليورانيوم المنضب «حسب مختلف المصادر». بينما أشار تقرير من منظمة الأمم المتحدة للحماية البيئة «UNEP» أن القوات البريطانية والأمريكية قد استخدمت كميات من الذخيرة التي تحتوي على اليورانيوم المنضب يصل إلى حوالي 2000 طن في حرب الخليج الثالثة. وقد تم استخدام اليورانيوم في حرب الخليج الثالثة وفي مناطق مأهولة بالسكان بخلاف الحرب الثانية.

الخصائص الكيميائية لليورانيوم
عندما تخترق قذيفة من اليورانيوم المنضب صفائح الدبابة المدرعة، ينتج عن ذلك شظايا وغبار من أكسيدات اليورانيوم. ويختلف حجم الشظايا والغبار من الكبيرة التي يمكن رؤيتها إلى الجزيئات الدقيقة التي لا ترى بالعين المجردة. ويتم استنشاق الجزيئات الدقيقة من غبار أكسيدات اليورانيوم عبر الجهاز التنفسي ويمكن لهذه الجزيئات أن تقتل الجنود داخل المدرعة في الحال. كما أن هذا الغبار سوف ينتشر حول المدرعة وقد ينتقل بواسطة الهواء، ويعتقد البعض أن هذا الغبار من أكسيدات اليورانيوم يمكن أن يقتل كل الموجودين في ساحة الحرب المجاورة للمدرعة المصابة بقذيفة من اليورانيوم المنضب. والحقيقة أن التجارب العلمية أوضحت أن جزيئات اليورانيوم الدقيقة ليست لها تأثير يذكر على بعد510 أمتار من المدرعة المصابة بقذيفة من اليورانيوم المنضب. ينتقل رذاذ الجزيئات الدقيقة في الهواء حسب قوانين الفيزياء حيث يختلط ويتوزع ويقل تركيزه في الهواء.

كيف يدخل إلى جسم الإنسان؟
ويمكن أن يتعرض الأفراد لليورانيوم عن طريق الاستنشاق أو الابتلاع أو التماس الجلدي، ويعتبر الاستنشاق أكثر حالات التعرض أثناء أو بعد الحروب، وقد يستنشق اليورانيوم المنضب أثناء اندلاع حريق في مستودع يحتوي ذخيرة مصنعة من اليورانيوم المنضب، ويحدث الابتلاع عند فئات كثيرة من السكان نتيجة تلوث مياه الشرب أو الأغذية باليورانيوم المنضب، ويعتبر التعرض لليورانيوم عن طريق التماس الجلد من أقل الحالات أهمية لأن كمية اليورانيوم المنضب التي تخترق الجلد لتصل إلى الدم تظل قليلة. ولكن يمكن أن يصل إلى الدورة الدموية من خلال الجروح المفتوحة أو من شظايا اليورانيوم المنضب. ويحدد ذوبان اليورانيوم المنضب في الجسم مدى سرعة امتصاص الجسم له سواء من الرئتين أو من الجهاز الهضمي. كما يعتمد على نوع مركبات اليورانيوم وتركيبه الكيميائي، وكما هو معروف فإن جسم الإنسان وسط مائي. ولهذا يتم امتصاص مركبات اليورانيوم المنضب التي تذوب في الماء من خلال الرئتين في فترة لا تتجاوز أياما قليلة، أما مركبات اليورانيوم المنضب التي لا تذوب في الماء فقد يمتصها الجسم خلال شهور أو سنوات.

التأثير الكيميائي
يعتبر اليورانيوم من المواد السامة كيميائيا إذا دخل جسم الإنسان وتم امتصاصه إلى الدم وتوزع على أنسجة الجسم المختلفة. ويدخل اليورانيوم المنضب الجسم على شكل معدن «شظايا» أو مركبات على شكل أكسيدات اليورانيوم المنضب الناتجة عن احتراقه مثل:
ثاني أكسيد ثلاثي اليورانيوم المنضب U3O8 لونه رمادي غامق يتكون عند درجات الحرارة شديدة الارتفاع.
ثاني أكسيد اليورانيوم المنضب UO2 لونه اصفر ويتكون عند درجات حرارة متوسطة الارتفاع.
ثلاثي أكسيد اليورانيوم المنضب UO3.
وتعتبر هذه الأكسيدات غير قابلة للذوبان في الماء بسرعة. ولكنها تذوب ببطء «أسابيع لثلاثي أكسيد اليورانيوم المنضب UO3 وسنوات ثاني أكسيد ثلاثي اليورانيوم المنضب U3O8 وثاني أكسيد اليورانيوم المنضب UO2».

الامتصاص والذوبان
تعتبر الكلى العضو الأكثر تأثرا باليورانيوم المنضب حيث يؤدي إلى موت و تلف خلايا الكلى وتلفها أو عدم قدرة الكلى على تصفية الدم وتنقيته. وذلك حسب تركيز اليورانيوم. يستنشق الجنود حوالي 95% من جزيئات اليورانيوم المنضب المتطايرة إذا تم قصف مدرعتهم أثناء الحرب، وتترسب جزيئات اليورانيوم المنضب المستنشقة في الجزء العلوي من الجهاز التنفسي. ومعظم هذه الجزيئات يتم بلعها أو طردها عن طريق الأنف. أما الجزيئات التي يتم امتصاصها فتنتقل إلى الكلى وباقي أعضاء الجسم، وقد أوضحت الدراسات أنه 4 ،6 % فقط من جزيئات اليورانيوم المنضب القابلة للذوبان و3 ،0% فقط من جزيئات اليورانيوم المنضب غير القابلة للذوبان من اليورانيوم المنضب المستنشق يصل إلى الكلى. كما تبين أحدث الدراسات أن الجسم يمتص فقط 2 إلى 5% من اليورانيوم المنضب القابل للذوبان الذي يتم ابتلاعه أما باقي 98 إلى 95% فيتم التخلص منها بسرعة عن طريق الأمعاء، كما أن الجسم يمتص فقط 2 ،0% من اليورانيوم المنضب غير القابل للذوبان الذي يتم ابتلاعه أما باقي 8 ،99% فيتم التخلص منها بسرعة عن طريق الأمعاء.
ويتخلص جسم الإنسان من 90% من اليورانيوم المنضب القابل للذوبان الذي يصل الدم خلال الكلى في غضون أيام قليلة بعد التعرض مباشرة. أما ال 10% الباقية فتترسب في العظام وباقي أعضاء الجسم، ويتم التخلص منها على فترات طويلة، وإذا ما تم استنشاق كمية من أكسيدات اليورانيوم المنضب غير القابلة للذوبان فإنها تبقى سنوات طويلة في الرئتين ويتم امتصاصها ببطء إلى الدم ثم تطرد من الجسم عن طريق الكلى «البول».
عموما تؤثر المعادن الثقيلة بشكل عام على الكبد ولكن في جرعات عالية التركيز، وقد تبين من الأبحاث على حيوانات التجارب أن اليورانيوم يسبب مشاكلا وتلفا في الكبد إلا أنه لم تسجل أية حالة تلف أو مشاكل للكبد في الإنسان من اليورانيوم المنضب وخصوصا للعاملين على اليورانيوم المنضب المعرضين له أكثر من الجنود في ساحة الحرب.
 


اليورانيوم المنضب القاتل الصامت استخدم في الحروب للقضاء السريع على جنود الخصم يخترق جسم الإنسان بالاستنشاق والبلع ومس الجلد، والكليتان أكثر الأعضاء تأثراً

التأثير الإشعاعي على الصحة
يوجد الإشعاع الطبيعي في كل مكان حولنا ويسمى الإشعاع الطبيعي أو الخلفية الإشعاعية، وفي النصف الثاني من القرن العشرين بدأ استخدام المفاعلات النووية وتقنية الإشعاع مما زاد من مصادر الإشعاع حولنا، واليورانيوم المنضب أحد مصادر الإشعاع الجديدة، وقد اهتم العلماء بهذه المصادر المشعة نظرا لتأثيراتها الصحية الخطرة على الإنسان، وقد حظيت الدراسات في هذا المجال باهتمام بالنظر لحالة الرعب لدى جميع الفئات من الإشعاع والمفاعلات النووية، ولهذا فقد حدد العلماء الطرق التي يؤثر فيها الإشعاع على جسم الإنسان، وتقدر اللجنة العلمية للأمم المتحدة معدل الجرعة التي يتعرض لها الإنسان بحوالي 2 ،2 مللي سيفرت في السنة الواحدة من الإشعاعات المؤينة الطبيعية. ويمكن قياس مقدار التعرض للأشعة وكيفية السيطرة على المواد المشعة وطرق الحماية منها.

أنواع التأثير
ويوجد نوعان من التأثيرات الجسمية من الأشعة:
التأثير الحاد المباشر: وهذا يحدث نتيجة التعرض لجرعة عالية من الأشعة خلال فترة قصيرة من دقائق قليلة إلى عدة أيام، وتتراوح الأعراض من غثيان وتقيؤ وفقدان الشعر وتغير في تركيب الدم وتغيير في التركيب الوراثي إلى موت سريع، وتظهر الأعراض بعد التعرض مباشرة لجرعات عالية من الأشعة.
بالتأثير البطيء وهذا يحدث نتيجة للتعرض لجرعات منخفضة من الأشعة لفترات طويلة تصل إلى سنوات عديدة، وتتمثل الأعراض في احتمال الإصابة بالسرطان في أحد أعضاء الجسم، ويعرف الزمن المستغرق للتعرض للأشعة بزمن التعرض، وتعرف كمية الأشعة الممتصة بمعدل الجرعة الممتصة من الإشعاع، ويحدث السرطان الناتج من التأثير البطيء نتيجة زمن تعرض طويل مع معدل قليل من الجرعة الممتصة. وقد استخدم العلماء نتائج التعرض لجرعة عالية من الإشعاع لوضع حدود لتعرض الناس بشكل عام وخاصة العاملين في المفاعلات النووية، إن معدل تأثير الإشعاع يزداد طرديا مع معدل الجرعة الممتصة.

ضحايا الإشعاع النووي
وقد تبين أن من واقع البحوث العلمية والدراسات على ضحايا القنابل النووية في هيروشما ونجازاكي وعلى عمال مناجم اليورانيوم والعاملين في المفاعل النووية أنه عندما يتعرض 1000 «ألف» شخص بواقع 1 ،0 سيفرت «100 ملي سيفرت» لكل منهم فانه يتوفى خمسة إلى سبعة أشخاص بأنواع السرطان المختلفة نتيجة الإشعاع أي بمعدل ستة أشخاص في الألف. وتظهر أعراض اللوكيميا «سرطان الدم» في فترة تتراوح بين 1 إلى 10 سنوات. أما عندما ينخفض مقدار جرعة التعرض إلى01 ،0 سيفرت «10 ملي سيفرت» لكل شخص يصبح معدل الإصابة بينهم 6 «ستة» أشخاص لكل 000 ،10 «عشرة آلاف شخص». وعندما تنخفض الجرعة إلى 001 ،0 سيفرت «1 ملي سيفرت» لكل شخص يصبح معدل الإصابة بالسرطان 6 حالات لكل مائة ألف شخص. ويقل المعدل أكثر بانخفاض مقدار جرعة التعرض. وقد أوضح آخر مؤتمر دولي للإشعاع أن أقل جرعة للتعرض التي يمكن أن يحدث منها ضرر إحصائيا هي 100 ملي سيفرت. وهذا لا يعني أن هذه الجرعة أو أقل لا تسبب مشاكل صحية ولكن إذا وجدت مشاكل فانها ليست بالضرورة من الإشعاع فقط ولكن لأسباب أخرى مختلفة مثل التدخين والبيئة وغيرها.
ويتعرض الناس إلى الإشعاعات المؤينة من خارج الجسم ويسمي التعرض الخارجي، أو من مواد ذات نشاط إشعاعي داخل الجسم ويسمى التعرض الداخلي، ويحدث التعرض الخارجي من مصادر إشعاعية طبيعية أو صناعية، ومن المصادر الإشعاع الطبيعية الفضاء والتربة ومواد البناء من حولنا. ومن العناصر الطبيعية المشعة الموجودة في التربة النظائر المشعة لكل من البوتاسيوم  و اليورانيوم والراديوم وغيرها، ومن المصادر الإشعاعية الصناعية السماد الكيماوي ومناجم اليورانيوم والمفاعلات النووية والأشعة السينية «X Ray» والمصادر المشعة المستخدمة في تشخيص الأمراض والعلاج، وتعتبر أشعة جاما والأشعة السينية أشعة كهرومغناطيسية مثل الضوء ولكنها تحمل طاقة، وتخترق جسم الإنسان بسرعة الضوء، وخلال مرورها عبر الجسم تفقد جزءا من طاقتها، وهذا ما يحدث أثناء التعرض الخارجي للإشعاع، أما أشعة ألفا وبيتا فعبارة عن جسيمات مشحونة قليلة النفاذية تصطدم بأجسامنا وتفقد طاقتها، وتعتبر أقل خطورة في التعرض الخارجي من أشعة جاما.

عناصر مشعة في أجسامنا 

يحدث التعرض الداخلي نتيجة لاستهلاك مصادر الإشعاع الطبيعي والصناعي، فكل شخص معرض لاستهلاك مصادر مشعة بشكل يومي، من الهواء الذي نتنفسه، والطعام الذي نتناوله والماء الذي نشربه، عناصر مثل البوتاسيوم والكربون والراديوم هي بعض من المصادر الطبيعية المشعة التي تصل إلى داخل أجسامنا، عناصر مشعة صناعية تصل إلى أجسامنا من تلوث طعامنا نتيجة حوادث مفاعلات نووية أو تجارب نووية أو غيرها، وتتراكم العناصر المشعة في أجسامنا إذا كان معدل دخولها الجسم أكثر من مقدار تخلص الجسم منها، كل عنصر مشع يتصرف بطريقه الخاصة والمختلفة عن الآخر داخل أعضاء الجسم، البعض يبقى لفترة قصيرة جدا «إلى عدة أيام» والبعض الآخر قد يبقى مدة طويلة تصل إلى عدة سنوات، وتنطلق من هذه العناصر أشعة ألفا وبيتا وجاما، وتفقد جزيئات ألفا وبيتا طاقتهما داخل الجسم «وهنا تعتبران أشد خطورة من أشعة جاما» بينما تخترق أشعة جاما الجسم وتفقد جزءا من طاقتها خلال مرورها عبر أعضاء الجسم، وعندما تمر الأشعة المختلفة عبر أنسجة الجسم تترك جزءا من طاقتها، ويختلف التلف الذي يصيب أعضاء الجسم حسب قابلية الجسم ونوع الأشعة ما إذا كانت ألفا أو بيتا أو جاما، وقد طور علماء الإشعاع طرقاً عديدة لمعرفة وقياس ما إذا كانت كمية الإشعاع الذي يتعرض له جسم الإنسان يتسبب في ضرر «تلف في عضو من أعضاء الجسم» أو غير مؤثر على أعضاء الجسم، وفي ما يلي بعض الوحدات المستخدمة في الإشعاع:
الجرعة الممتصة: مقدار الجرعة الممتصة «المترسبة» من الطاقة الإشعاعية في كتلة الجسم «1 غرام» وتعرف بالغري Gray Gy».
الجرعة المكافئة: مقدار الطاقة الممتصة «الجرعة الممتصة» من أشعة ألفا أو بيتا أو جاما التي تحدث التأثير البيولوجي في الجسم وتعرف سيفرت Sievert.

مقدار جرعات الإشعاع 

حددت منظمة الصحة العالمية مقدار الجرعات التي تفوق التعرض الطبيعي بالتالي:
بالنسبة للتعرض في مكان العمل «العاملين»: ينبغي ألا تتجاوز جرعة الإشعاع الفعلية 20 ميلي سيفرت في السنة في المتوسط لمدة خمس سنوات. أو كمية فعلية تبلغ 50 ميلي سيفرت في السنة الواحدة منفردة، وينبغي ألا تتجاوز كمية التعرض المقابلة لها بالنسبة للأطراف «اليدين والقدمين» أو البشرة 500 ميلي سيفرت.
بالنسبة لتعرض عامة الناس: فينبغي ألا تتجاوز الجرعة الفعلية 1 ميلي سيفرت في السنة الواحدة منفردة، وفي الحالات الاستثنائية. ينبغي ألا تتجاوز كمية التعرض الفعلية 5 ميلي سيفرت في السنة الواحدة المنفردة، أو ألا تتجاوز كمية التعرض الفعلية في المتوسط طيلة 5 سنوات متتالية 1 ميلي سيفرت في السنة الواحدة المنفردة، وينبغي ألا تتجاوز جرعة التعرض المقابلة لها بالنسبة للبشرة 50ميلي سيفرت في السنة، وعندما تصاب مدرعة بقذيفة من اليورانيوم المنضب يتعرض طاقم المدرعة لكميات كبيرة منه كذلك يتعرض الأشخاص الموجودون قرب موقع الإصابة لحظة حدوثها نظراً لحمل الهواء لتركيزات كبيرة من الأبخرة الملوثة.

0 التعليقات:

إرسال تعليق