Pages

Subscribe:

الاثنين

اضطرابات الغذاء (الأنروكسيا والبوليميا )




ما هي اضطرابات الغذاء؟

قد يتبادر إلى الذهن للوهلة الأولى أن أمراض اضطرابات الغذاء هي مشاكل في العادات الغذائية لدى الشخص المصاب، فالمصاب بالأكل القسري مثلاً هو إنسان شره يحب الطعام لدرجة أنه لا يستطيع التوقف عن تناول الطعام إلى أن يصل حد التخمة- أو هكذا يعتقد البعض، ولكن في الواقع اضطرابات الغذاء تتجاوز هذا الأمر بكثير، وهي ليست مسألة عادات غذائية سيئة على الإطلاق، بل هي أمراض نابعة من أسباب نفسية بحتة. إن تناول/أو عدم تناول الطعام هي مجرد عوارض للمرض الحقيقي، والذي هو مرض نفسي ينبع من شعور الشخص بفراغ داخلي، فيلجأ لملء هذا الفراغ عن طريق الطعام، وحينما لا يجد الشخص ملاذاً وملجأً مما يمر به من مصاعب في الحياة، يصبح الطعام صديقه وملاذه الوحيد للهروب من مشقات الحياة في حين عجز الآخرون عن فهمه. الطعام هو مجرد عرض من عوارض الإصابة باضطرابات الغذاء، وليس هو المرض الفعلي! لذا لايكمن العلاج الناجع لاضطرابات الغذاء في التوقف عن السلوكيات الغذائية السيئة، بل في علاج روحاني يرتقي بنفس المريض خارج دائرة المرض. عندئذ فقط تزول أعراض المرض السلوكية كالتهام الطعام أو الامتناع عنه أو التخلص من الطعام بطرق غير قويمة وغير ذلك، علاوة على السلوكيات الشخصية التي تتأثر بشكل كبير بالمرض، كالمزاجية والحساسية المفرطة وغير ذلك.

عادة ما يكون الأشخاص المصابون باضطرابات الغذاء قد مروا بطفولة مليئة بالذكريات المؤلمة أو قد تعرضوا للأذى النفسي أو الجسدي أو الجنسي (ولكن هذا لا ينطبق على جميع المصابين). إن القاسم المشترك الذي يجمع معظم المصابين باضطرابات الغذاء المختلفة هو انخفاض  تقديرهم لأنفسهم، فهم يتوقون دوماً لاستحسان وقبول الآخرين لهم، حيث أن قبولهم لنفسهم يأتي من الخارج، لذا فهم دوماً غير راضين عن أنفسهم، والعديد منهم ميالون للكمال، لذا فهم قد يستنزفون أنفسهم محاولين تحقيق الكمال في أعمالهم والظهور في أحسن صورة أمام الآخرين لنيل قبولهم لهم، وهم يقسون على أنفسهم باللوم والتأنيب مالم يكن الناتج كما يرغبون. هم بحاجة كي يفهموا أنه ما لم يأتي قبولهم لأنفسهم من داخلهم، فلن يسعدوا أبداً...

عادة ما يعاني المصابون باضطراب الأكل القسري (Compulsive Overeating) من السمنة المفرطة، فهم يختبؤون خلف أجسامهم الضخمة لحمايتهم من أذى الآخرين، فيصبح جسدهم كالدرع الواقي من الرصاص المطلق من أفواه وأيدي الآخرين!

مما يواجهه المصاب بأحد اضطرابات الغذاء هو صعوبة فهم الآخرين له، فليس من النادر أن يسمع جملاً مثل: "لم لا تخفف من تناول الطعام؟" أو "يتطلب الأمر فقط القليل من الإرادة." أو "هل يعقل أنه ليس لديها القدرة على تنظيم عاداتها الغذائية؟؟" هذه الجمل قاسية جداً على المصابين، حيث أن غير المصابين لايدركون أن المصاب غير قادر على السيطرة على السلوكيات المرضية أبداً، على الرغم من كثرة المحاولات، التي دائماً تعقبها اخفاقات. المصاب باضطرابات الغذاء لا يملك أي إرادة أو قدرة على إيقاف المرض.

قد يتساءل البعض، "هل يعقل هذا؟" أجيبكم بنعم، فإن المصابين هم أشخاص لديهم الإرادة الكاملة في العديد من مناحي حياتهم. على الرغم من ذلك، فليس لديهم أي قدرة أو إرادة على درء مرضهم بالرغم من محاولاتهم الشديدة والمستمرة.

*الإدمان على الطعام:

قد يبدو هذا المصطلح غريباً بعض الشيء، ولكن هذا هو الحال فعلاً مع المصابين باضطرابات الغذاء. لست هنا بصدد مناقشة أمور وتحليلات طبية، ولكن لا ضير من توضيح هذا الأمر لمساعدتكم على فهم مدى صعوبة التعامل مع المرض.

إن المصابين باضطرابات الغذاء هم فعلياً أناس مدمنون على الطعام (أو قلته)، تماماً كالمدمنين على المشروبات الكحولية أو المخدرات. في البداية لجؤوا إلى الطعام كوسيلة للهروب وللتخلص من الآلام النفسية (كمن يتناول دواءً مسكناً للألم). ومع الوقت، يصبح هذا السلوك طريقة الشخص للتأقلم مع المحيط الخارجي ويدمن على الدواء. هذا الإدمان فعلي، حيث أنه عندما يتناول الشخص طعاماً يفوق قدرة معدته على التحمل، أو عندما يخرج هذا الطعام من جوفه بطرق غير قويمة (كالتقيء العمد)، أو حتى عندما يقوم الشخص بتجويع نفسه (كالمصاب بالأنوريكسيا)، فإن الجسم يحس بالألم نتيجة الحرمان من الطعام أو الطعام الزائد. وكردة فعل للتخلص من الألم، يفرز الجسم مادة مخدرة شيبهة بالأفيون. ومع الوقت، يصبح المصاب باضطراب الغذاء مدمناً على هذه المادة الداخلية المسكنة. لذا، فعندما يحاول المصاب أن يمتنع عن سلوكياته المرضية، فإنه تنتابه أعراض الإدمان كرغبة جامحة في القيام بالسلوكيات المرضية وغيره. لذا، فإن الأمر صعب جداً في البداية، ولكن مع تقدم العلاج، يتجاوز المريض هذه المرحلة بالتدريج وتزول عنه أعراض الإدمان.

من الجدير بالذكر هنا أنه في أغلب الأحيان يمر المصاب باضطرابات الغذاء بحالات كآبة، ويجب مساعدته على الخروج من تلك الحالة وتجنب بقائه وحيداً إن أمكن، فقد تنتابه أفكار انتحارية وقد يحاول إنهاء حياته. وهذا الأمر حدث فعلاً مع كثيرين... وقد بينت الإحصاءات أن أكبر نسبة وفيات للمصابين بأمراض أسبابها نفسية هم مصابو الأنوريكسيا، إما بسبب تأثيرات المرض على صحتهم بشكل مباشر، أو لانتحارهم.

مما ساهم في تغذية وتعزيز مرض الأنوريكسيا في عصرنا الحالي النزعة للنحافة المفرطة بصفتها من المقومات الأساسية للجمال، وهذا يبدو جلياً على عارضات الأزياء شديدات النحافة واللاتي تبرز عظامهن من فرط نحافتهن، هذا بالإضافة للمشاهير من ممثلات ومطربات والرياضيين كلاعبات الجمباز وغيرهن. أدى ذلك إلى حرص ضحايا الموضة من المشاهير على الحفاظ على قوام نحيل جداً بأي طريقة، سواء بالعمليات التجميلية لشفط الدهون أن باتباع الحميات القاسية. وممن فقدوا حياتهم عارضة الأزياء البرازيلية آنا كارولينا ريستون، توفيت وهي في الواحد والعشرين من عمرها متؤثرة بإصابتها بالأنوركسيا. وهذه هي صورتها.


مرض البوليميا نيرفوسا (الأكل والتفريغ)

تعتري المصابين بمرض البوليميا نوبات من الالتهام ومن ثم التطهير – فهم يتناولون كميات ضخمة من الطعام خلال فترة قصيرة نسبياً ومن ثم يستخدمون سلوكيات غير قويمة للتخلص من هذا الطعام، كاستخدام الملينات أو القيء العمد– وذلك لمعاقبة أنفسهم على أمر يشعرون دون أي مبرر فعلي أنهم ملومين على حدوثه. قد يرتبط هذا الأمر مباشرة بشعورهم حيال أنفسهم، أو بشعورهم حول حدث معين أو سلسلة من الأحداث في حياتهم. يسعي الشخص المصاب بالبوليميا إلى الدخول في نوبات من الالتهام والتطهير للتنفيس عن مشاعر الغضب، الكآبة، التوتر، أو القلق.



عادة ما يكون الرجال والنساء المصابين بالبوليميا مدركين لإصابتهم باضطراب غذائي. وبسبب هوسهم بالطعام فهم أحياناً يشترون المجلات وكتب الطبخ لقراءة وصفات الطبخ، كما يستمتعون بمناقشة أمور الحميات.

تشتمل بعض الأعراض السلوكية على: نوبات متكررة من الاستهلاك السريع للطعام يتبعه شعور عظيم بالذنب وتطهير الجسم (باستخدام الملينات أو القيء العمد)، شعور بفقدان السيطرة على النفس تجاه الغذاء، اتباع بخطط غذائية قاسية وتمارين رياضية، إساءة استخدام الملينات، استخدام الأدوية المدرة للبول، و/أو أدوية التنحيف واهتمام مستمر بشكل الجسم، جميع هذه تشكل إشارات تحذيرية تدل على أن الشخص يعاني من البوليميا.

يكون الشخص المصاب بالبوليميا عرضة للعديد من الأخطار الصحية مثل احتقان الحنجرة، قرحة في المعدة، تآكل الأسنان، عسر الهضم وارتباك وظائف الأمعاء، نقص السوائل، عدم انتظام الدورة الشهرية عند الإناث، عدم انتظام دقات القلب، السكتة القلبية، والإقدام على الإنتحار.




من المهم إدراك أن ما يميز الشخص المصاب بالبوليميا – على العكس من مرضى الأنروكسيا - ليس عملية تطهير الجسد (purging)، وإنما دورة الالتهام والتطهير (binging & purging).
يمكن تطهير الجسد إما باستخدام الملينات أو القىء العمد، ولكن هناك بعض المصابين بالبوليميا الذين يستخدمون سلوكيات تعويضية غير سليمة أخرى مثل التمارين الرياضية القسرية (مثل رياضة الإيروبكس أو القفز المفرط)، محاولين حرق السعرات الحرارية الناجمة عن كمية الطعام الكبيرة، أو الصوم في اليوم التالي لنوبة الالتهام. ليس من النادر أن يستخدم بعض الأشخاص الذين يعانون من البوليميا حبوب التنحيف لمنع أنفسهم من التهام الطعام، أو استخدام الأدوية المدرة للبول كوسيلة لفقدان الوزن. عادة ما يعمد ضحية هذا المرض إلى تخبئة أو "تخزين" الطعام كي يتوفر له لنوبة التهام لاحقة، وعادة ما يتناول المصاب طعامه سراً ويعتري وزنه تذبذب بين ارتفاع وهبوط.
"

الأنروكسيا والبوليميا

هناك الكثير من التشابهات ما بين هذين المرضين يكمن أهمها في سبب المرض. لوحظ حدوث اعتداءات جسدية، عاطفية، و/أو جنسية بشكل مباشر مع ظهور اضطرابات الغذاء لدى الشخص (مع ذلك، ليس بالضرورة أن يكون ضحايا أمراض اضطرابات الغذاء قد تعرضوا لهذه الاعتداءات). كما يتراءى أيضاً وجود صلة مباشرة ما بين المرض لدى بعض الأشخاص والكآبة السريرية. تتسبب أمراض اضطرابات الغذاء أحياناً بالكآبة، أو يمكن للكآبة أن تؤدي لظهور اضطرابات الغذاء. بشكل عام، تتعلق اضطرابات الغذاء بأمور عاطفية معقدة – على الرغم من أنها ظاهرياً لا تبدو أكثر من مجرد هوس شديد الخطورة بالوزن، ففي واقع الأمر هناك صراعات عاطفية داخلية لدى المصابين بهذا المرض تتوجب الاهتمام والحل.



معايير التشخيص

يقدم النص التالي تعريفاً لمرض البوليميا لمساعدة الأطباء في التشخيص السريري للمرض ... هذا النص لا يمثل بأي حال من الأحوال ما يشعر أو يمر به الشخص الذي يعيش مع هذا المرض. من المهم ملاحظة أنه ليس بالضرورة ظهور كافة الأعراض لدى الشخص المصاب لاعتباره مريضاً بهذا المرض. بعبارة أخرى، إذا كنت تظن أنك تعاني من مرض البوليميا ، فمن الخطورة بمكان أن تقول لنفسك بعد قراءة معايير التشخيص "ليس لدي أحد هذه الأعراض، لذا فإنني بالتأكيد لست مريضاً بهذا المرض".

- نوبات التهام طعام متكررة. تتميز نوبة الالتهام بكل مما يلي:

أ) تناول الطعام خلال فترة قصيرة من الوقت (مثلاً خلال ساعتين)، وتكون كمية الطعام أكبر بكثير مما قد يتناوله معظم الناس خلال نفس الفترة ضمن نفس الظروف؛

ب) الشعور بفقدان السيطرة على عملية الأكل خلال نوبة الالتهام (مثلاً الشعور بعدم القدرة على التوقف عن الأكل أو السيطرة على نوع الأكل أو كميته).

- سلوكيات متكررة غير سليمة لمنع زيادة الوزن، كالقيء العمد، وإساءة استخدام الملينات ومدرات البول والحقن الشرجية، وغيرها من الأدوية، أو الصيام، أو الإفراط في التمارين الرياضية.

- تحدث سلوكيات الالتهام والتطهير غير السليمة في المعدل مرتين في الأسبوع على الأقل ولمدة ثلاثة أشهر.

    - يتأثر تقدير الشخص لنفسه كثيراً بشكل وحجم جسمه.

*بوليميا تطهيرية (مع إخراج الطعام من الجسم): خلال نوبة البوليميا، يتقيأ الشخص بالعمد بانتظام أو يقوم باستخدام الملينات أو مدرات البول أو الحقن الشرجية.

*بوليميا غير تطهيرية (دون إخراج الطعام من الجسم): خلال نوبة البوليميا، يستخدم الشخص سلوكيات مرضية غير سليمة أخرى، كالصيام أو الرياضة المفرطة، ولكنه لا يشرع في القيء العمد أو استخدام الملينات أو مدرات البول أو الحقن الشرجية بشكل منتظم.




الشفاء



بعد كل هذا، السؤال هو: هل هناك أي أمل بالشفاء؟
نعم، هذا ممكن، ولكن ليس بسهولة. إذا كنت مصاباً بأحد اضطرابات الغذاء، فإن علاجك يدور حول ثلاثة محاور:
1) جسدي
2) عقلي
3) نفسي

المحور الجسدي: توجه إلى الطبيب الآن. أجر الفحوصات اللازمة. على الأرجح فإن جسدك الآن مرهق بعد سنوات الاضطهاد وسوء المعاملة من قبل مرضك. إذا وجدت أنك بحاجة لتلقي العلاج، قم بذلك الآن! أنت أيضاً بحاجة لمراجعة أخصائي تغذية ليساعدك على إعادة تغذية جسمك الذي ذاق الأمرين على يدي مرضك! استفسر عن الأغذية المفيدة لك بالتحديد واحصل على برنامج غذائي معتدل مناسب لك، وأعني بكلمة "مناسب لك" برنامجاً غذائياً يمكنك الالتزام به وتطبيقه مدى الحياة وليس حمية غذائية. نحن لا نريدك أن تتبع أي ريجيم!! علاجك الرئيسي يكمن في العلاج النفسي، وعندما تشفى، سينتظم غذاؤك تلقائياً.

المحور العقلي: كم من الوقت تمضي في اليوم وأنت تفكر في الطعام؟ "ماذا سآكل الآن؟ هل ما أكلت كافٍ لي أم بإمكاني تناول المزيد؟ إذا أكلت المزيد هل سيزداد وزني؟ كم عدد السعرات الحرارية في هذا الطبق؟" وغير ذلك من الأسئلة التي تراود عقولنا نحن المصابين بهذا المرض طوال الوقت. هذا التفكير المستمر في الطعام يؤثر على تفكيرك بشكل عام ويحجب أفكارك الخلاقة، لتمضي يومك عوضاً عن ذلك في حالة هوس بالوزن وبالطعام! عندما تشفى من مرضك، سيصبح تفكيرك جلياً كسماء صيف صافية، وستتمكن من إدارة شؤون حياتك بشكل أفضل ومن التحكم في انفعالاتك كالعصبية والحساسية الزائدة وغير ذلك.

المحور النفسي: أجبني بصراحة، هل أنت كما يراك الآخرين، أم أن في داخلك شخص آخر أجمل بكثير مما يتراءى لك وللآخرين؟ قد لا تكون مدركاً لذلك، ولكنك بالتأكيد أجمل بكثير بدون المرض، فقد ترك مرضك اللعين تبعاته على نفسك وعلى شخصيتك. الكثير من المصابين باضطرابات الغذاء يلجؤون للكذب على الآخرين للتمكن من ممارسة سلوكياتهم المرضية بسلام، وهم مزاجيون ويفقدون رباطة جأشهم بسرعة... لسنا بصدد التحدث عن كل هذا، ولكن اعلم أنك عندما تشفى، ستصبح أجمل وستشرق روحك بنور السكينة والسلام.



لكي يتمكن الشخص من تطبيق البرنامج، لابد من وجود مشرف على علاجه، وهذا المشرف ليس إلا شخص كان مريض بأحد اضطرابات الغذاء في الماضي وشفي منه، وهو يسعى لمساعدة نفسه في الاستمرار بالشفاء ومساعدة غيره في الشفاء من خلال الإشراف على برامج الآخرين وتوجيهم من أجل تطبيق الخطوات بأفضل صورة ممكنة

الأنوريكسيا


القاسم المشترك الأكثر شيوعاً ما بين جميع أنواع اضطرابات الغذاء
هو انخفاض متأصل في تقدير الذات

مرض الأنوريكسيا نيرفوسا (الامتناع القسري عن  تناول الطعام)

ليس من السهل فهم الأشخاص الذين يعانون من الأنوركسيا. عادة ما يعاني الأشخاص الذين يعانون من هذا المرض من انخفاض في تقديرهم لأنفسهم وحاجة كبيرة للتحكم بالمحيط الخارجي وبمشاعرهم. عادة ما يظهر المرض كرد فعل على الصراعات النفسية الداخلية، كالتوتر، والقلق، والتعاسة. الأنوريكسيا هي طريقة سلبية للتأقلم مع هذه المشاعر.


"... احساس الجوع يملأ فجوة في أعماقي عندما يكون استحسانك هو كل ما أتوق إليه.
تختفي الرغبة في الطعام وتعود إلي من جديد... تصيح... بسلبية تامة.
في أوقات كهذه تغمرني الرغبة في الهروب بعيداً والاختفاء..."

قد يكون الشخص المصاب بالأنوركسيا حساساً بشكل غير طبيعي حيال تصنيفه كشخص سمين، أو يكون لديه خوف عارم من أن يصبح سميناً – مع ذلك، لا يعاني جميع مرضى الأنوريكسيا بالضرورة من هذا الخوف. قد يخشون فقدان السيطرة على الكمية التي يتناولونها من الطعام، ويصاحب ذلك رغبة في التحكم بمشاعرهم وبردود أفعالهم حيال تلك المشاعر. ونتيجة لانخفاض تقديرهم لأنفسهم وحاجتهم لتقبل الآخرين لهم، يلجؤون إلى الحميات القاسية والتجويع كوسيلة للتحكم ليس فقط بوزنهم، ولكن بمشاعرهم وأفعالهم المتعلقة بتلك المشاعر. بعض المصابين يشعرون أنهم لا يستحقون مباهج الحياة ويحرمون أنفسهم من المتعة (وذلك يشتمل متعة الطعام).

بعض المؤشرات السلوكية تتضمن: الرياضة المفرطة، حساب عدد السعرات الحرارية والدسم في الأطعمة، تجويع النفس وعدم تناول الطعام، القيء العمد، استخدام أدوية التنحيف أو الملينات أو مدرات البول في محاولة للتحكم بالوزن واهتمام مستمر بشكل الجسم. ليس من النادر أن يمر المصابون بالأنوريكسيا بفترات من البوليميا (الالتهام والتفريغ) أيضاً.


من الجدير بالذكر وجود عدة أنماط لمرض الأنوريكسيا. إن السمة المميزة للأشخاص الذين يعانون من الأنوريكسيا هي محاولتهم الحفاظ على سيطرة شديدة على مقدار الطعام الذي يتناولونه. في بعض الحالات، يتناول الشخص المصاب بالأنوريكسيا وجبات طبيعية مع فترات محدودة فقط من الامتناع عن الطعام. قد يميل المصابون بالأنوريكسيا أحياناً إلى تناول الأطعمة السريعة عديمة القيمة (junk food) وخاصة الحلويات، واحتساء القهوة أو شرب الشاي بكثرة، و/أو التدخين. قد ينكرون أنهم جائعين ويخلقون أعذاراً لتجنب الطعام، وعادة ما يخبؤون الطعام ويزعمون أنهم تناولوه، وقد يستخدمون حبوب التنحيف للتحكم بشهيتهم، أو قد يحاولون تطهير أجسامهم من الطعام عن طريق القيء العمد أو تناول الملينات.

يكون الشخص المصاب بالأنوريكسيا عرضة للعديد من الأخطار الصحية مثل تشقق الجلد، تساقط الشعر، نقص المعادن، هشاشة العظام، انقطاع الدورة الشهرية عند الإناث، عدم انتظام دقات القلب، السكتة القلبية، والإقدام على الإنتحار.



* الأنوريكسيا والبوليميا:

هناك الكثير من التشابهات ما بين هذين المرضين يكمن أهمها في سبب المرض. لوحظ حدوث اعتداءات جسدية، عاطفية، و/أو جنسية بشكل مباشر مع ظهور اضطرابات الغذاء لدى الشخص (مع ذلك، ليس بالضرورة أن يكون ضحايا أمراض اضطرابات الغذاء قد تعرضوا لهذه الاعتداءات). كما يتراءى أيضاً وجود صلة مباشرة ما بين المرض لدى بعض الأشخاص والكآبة السريرية. تتسبب أمراض اضطرابات الغذاء أحياناً بالكآبة، أو يمكن للكآبة أن تؤدي لظهور اضطرابات الغذاء. بشكل عام، تتعلق اضطرابات الغذاء بأمور عاطفية معقدة – على الرغم من أنها ظاهرياً لا تبدو أكثر من مجرد هوس شديد الخطورة بالوزن، ففي واقع الأمر هناك صراعات عاطفية داخلية لدى المصابين بهذا المرض تتوجب الاهتمام والحل.



* معايير التشخيص:

يقدم النص التالي تعريفاً لمرض الأنوريكسيا لمساعدة الأطباء في التشخيص السريري للمرض ... هذا النص لا يمثل بأي حال من الأحوال ما يشعر أو يمر به الشخص الذي يعيش مع هذا المرض. من المهم ملاحظة أنه ليس بالضرورة ظهور كافة الأعراض لدى الشخص المصاب لاعتباره مريضاً بهذا المرض. بعبارة أخرى، إذا كنت تظن أنك تعاني من مرض الأنوريكسيا ، فمن الخطورة بمكان أن تقول لنفسك بعد قراءة معايير التشخيص "ليس لدي أحد هذه الأعراض، لذا فإنني بالتأكيد لست مريضاً بهذا المرض".

    - رفض الحفاظ على وزن الجسم ضمن الحد الأدنى الطبيعي للوزن أو أكثر منه وفقاً للعمر والطول.
    - خوف شديد من اكتساب الوزن أو السمنة، على الرغم من أن وزن المصاب أقل من المعدل الطبيعي.
    - انزعاج من شكل أو وزن الجسم، وتأثير شكل أو وزن الجسم دون داعي على تقييم انلنفس، أو إنكار لمدى خطورة وزن الجسم الحالي المنخفض.
   - من الأعراض لدى النساء اللواتي لم يصلن إلى سن اليأس بعد انقطاع الطمث لمدة ثلاثة أشهر متتالية على الأقل.

     أنوريكسيا امتناعية: خلال نوبة الأنوريكسيا نيرفوسا، لا يدخل المريض بشكل منتظم في سلوكيات التهام أو تطهير (مثلاً القيء العمد أو إساءة استخدام الملينات، مدرات البول، أو الحقن الشرجية).

أنوريكسيا التهامية أو تطهيرية: خلال نوبة الأنوريكسيا، يدخل الشخص بشكل منتظم في سلوكيات التهامية أو تطهيرية (مثلاً القيء العمد أو إساءة استخدام الملينات، أو مدرات البول أو الحقن الشرجية).


0 التعليقات:

إرسال تعليق